رائحتهم


(زوز أصحاب قاعدين في محطة... الدنيا ليل و الكار معادش باش تجي و هم قاعدين يستنوا هكة هبلة)
ـ تشم في الريحة؟
ـ أما ريحة؟ النتونة؟
ـ ايه . شميتها؟
ـ شميتها شميتها، اسكت علينا
ـ صار انت بصيت؟
ـ تي لا يا راجل ... ياخي حاشم منك كان يصيت
ـ ملا منين الريحة؟
- ريحتهم هم هذيكة
ـ اشكون؟
- تي بربي فك علي تو بجدك ما تعرفش ؟ ما هي باينة الريحة هذي ريحتهم... ندرا كيفاش تخنق تقص النفس...
- لا عاد ما تبداش تزيد ، صحيح ريحتهم ناتنة أما موش لدرجة انها تقص النفس؟
- تو كيف تقوى الريحة تشوف... وقتها يتقص عليك النفس بالحق.
ـ يا را حتى انت قداش خواف؟
ـ والله متفائل
ـ باهي هيا قوم نروحوا على رجلينا..
ـ لا يا ولدي... بعيدة الدنيا... اش باش يوصلنا؟؟
(صمت)
- قاعدة تقوى الريحة بالحق...
- تلقاك خريت على روحك....هههههههه..
ـ ( بنزرة) و انت تلقاك خريت فيه..
ـ تي شبيك تغششت... نفدلك راهو
ـ باهي ça va موش وقت فدلكة وتنبير
- التنبير باهي في الاوقات الكل و هيا نروحوا
ـ روح وحدك
ـ توة تقتلني الريحة في الثنية... هيا نمشوا جميع...خظوة خطوة
- أنا بطلت. ما عادش مروح..
ـ تي فك عاد يزي بلا غش
(صمت)
ـ تو زعمة كيفاش يعملوها ها الريحة متع الضرابين... منين خارجة؟
ـ في العادة يخرجوها من جلغهم
ـ تلقاه عندهم مشكلة في المعدة ... زعمة ما يهضموش؟
ـ قول ما يتهضموش...
- بالحق تلقاها مشكلة في الجهاز الهضمي... ما يمضغوش ... يسرطوا ديراكت..
ـ مشكلة في الدماغ... مشكلتهم في الدماغ
ـ شبيه؟
ـ دماغاتهم ميتة
ـ كيفاش يتحركوا ملا؟
- كيف المكينات....
ـ يخدموا بالنفط؟
ـ صحييييييييييييييييت، يخدموا بفلوس النفط
- بالنفط قتلك؟
ـ
- بالنفط
ـ
تي شبيك ساكتت
( صمت)

ما أحمقهم... ما أشد وقاحتهم!!!

ما أحمقهم... ما أشد وقاحتهم... غباء و وقاحة و ركاكة أسلوب... اضافة الى القرف العام و العارم الذي لا أعرف أسبابه... أصبح الامر لا يطاق.

من حكايات العروي

هياّ مسّيكم بالخير.

يحكوا على ملك يحكم في بلاد ناسها ناس خاطيهم ودابهم داب رويحاتهم،شعارهم أخط راسي و أضرب. و زيد جيرانهم الكل قلالة كيفهمو خاطيهم، يعني لا مشاكل لا لهم يحزنون، حتى قبل في عهد الملك القديم كانوا شوية ما يحملوش بعضهم الملوك، أما تو يحلفوا بروس بعضهم. وهاك البلاد تعوم وتغطس في النّعم، وين تمد عينيك تشوفها خضراء زيتون و هندي.. والغلة اللي ما تنبتش عندهم تجيهم في وقتها مقرطسة من عند الشعوب الشقيقة والصديقة. الرعية ناصبة وما ثمة حتى واحد في هاك البلاد عنده مشكلة. و الملك شاد القصر متاعوا، يفيق بكري على روحه و يبدأا يخدم في الرعيّة، حتى فطور الصباح يفطره بزربة وساعات على الخواء يبدأ يحكم يحكم يحكم يحكم...

مرّ واحد من الوزرة جاء للقصروقت غداء يلقى الملك العرق شرتلا هابط، وهو ينهج من التعب،ما بطّش من الخدمة ، قاعد يحكم و موش فايق بالوقت تعدّى. قاله : "يا مولاي، بربي ارتاح شوية راك من الصباح تحكم، هاو كرسي اقعد ارتاح شوية، اشرب عرقك وكول كسكروت وهاو تو نحكم أنا في بقعتك لين تكمل كسكروتك على الاقل... راهو ما يجيش تلز لروحك هكّ يا مولانا ..."
يخزرله هاك الملك خزرة متع لوم و يقله:" ما عيني في شيء، ما نقعد نرتاح كان كيف نكمّل خدمة نهارين لقدام... توة لوكان تجيني دعوة من بعض البلدان الشقيقة على غفلة ، تطلعلهم يعملوا قمّة والاّ مؤتمر... ماو الواحد يلزمه يخليلكم على القليقلة الخدمة متع نهيرين والا ثلاثة تشدو بيها ايديكم لين نروّح


قلنا الملك مقطّع روحه بالخدمة، و الرعيّة ما على بالها بطقس ،عاملة كيف، مرتاحة متفرهدة، يفيقوا العشرة والاّ لحداش... اللّي يمشي للقهوة و اللّي يمشي يشمّ في الكولة و اللّي يشرب في القوارس و الالكول واللّي يمشي... و اللي يعدّي النهار في الستاد حتى كيف يبدا ما ثمّاش ماتش ... رعيّة ما عندهاش حتى مشكلة، كل شيء متوفر، ماهو تطيح للادمان من الفراغ و اللي ما يطيحش للادمان يولي، من القلق و الفدّة، يلعب في ألعاب ماسطة . هيّا اش طلّعوا يا سيدي: يتلمدوا الناس الكل في بلاصة هكة، تلقاهم نساء و رجال و كبار و صغار و يبدو يخربوا في الممتلكات العمومية ويـgـمروا على كعب الضوء و البلاّر يكسروا فيه لله في سبيل الله، هكة لا طاح لا دزوه تنزل الرعيّة على هاك الممتلكات متاعها تدgدgـها الكل... تي ماهو من القلق و الفدّة الانسان راهو يولي كيف المهبول... و المشكلة ان الرعية كيف تتخمر في اللعب ، بخلاف سكان العالم الكل، تشد الباس و تكبش و تبقى ساعات بالستة شهور تلعب...
الملك حار في ها المشكلة. لمّد الوزرة و قاللهم: توّ الشيء اللّي قاعد يتكسّر كيف تبدأ رعيتي تمارس في ها الالعاب هذي بـgـلة ليه، توّ نجيبوا ما خير، أما بالله لوكان واحد من رعيتي تجي فيه حجرة تعورله عين من عينيه و الاّ تتنطّر عليه لقشة متع بلاّر مكسّر تجرحه وقتها اش نعمل؟ تي انا على خاطر اشكون دين ولديا طالع و من الفجاري و أنا نازل على روحي، احكم احكم... تي على خاطر اشكون نحكم ليل نهارأنا؟ يخي لروحي و الا لعيلتي الخدمة اللي قاعد نخدم فيها؟؟؟ رعيتي ما ولّت تلعب في ها العاب كان من الروتين و القلق، ويلزمكم تدبروا عليّ. شنوّ الشيء الناقص؟ شنيّ الحاجة اللي يلزمني نعملها باش ما يتمسّش حتّى واحد من رعيتي، راهم هذوكم راسمالي، تي راني نحبّهم ، تي جيبوهم لي نبوسهم توّ...

الملك عنده وزير داهية ،كمبس ، فكر، ضرب أخماسه في أسداسه ومنها قاله: اش رايك يا مولانا كان نعاودا الدهينة متع البلاد؟ خايفش الروتين جاي من تالة اللون
الملك قاله: يخي حكاية دهن هي؟؟؟ لا لا تي احنا قداش لينا ملي دهناها، تي ماو أول ما شديت أنا لميت الدهانة و عملنا هاك الميثاق متع الدهن... صحيح ثمة بلايص ما شدش فيهم اللون، يمكن ما همش محكوكين بالباهي... الدهانة يغشوا ساعات، أما الامور بشكل عام لاباس


خزرله الوزير وقال: لا عاد أنا راهو نقصد نبدلوا اللون ...
مازال ما كملش كلامه الوزير. بدا الملك يتهز ويتنفض... " علاه أنا وين مشيت؟؟؟

الوزير بقى يستنى في الملك لين يهدأ و من بعد قاله: ما تفهمنيش بالغالط يا مولاي، أنا راني ناصحك وزيد الدهينة راهي باش تتعاود باش تتعاود وقت اللّي.... الله لا يقدّر ، انشاء الله بعد عمر طويل....

قص عليه الملك: تي باهي بعد ما نموت ... قولها بركة وسيب عليك من الطحين الفارغ..
باهي يا مولانا، املا أسمعني مليح ـ قال الوزيرـ أما خير نبدوا نحضروا الدّهن و الامور الكل من توّة و الا نتفكروا كان في اخر لحظة... أما خير توّة على الاقل ندهنوها على ذوق وحدة من الاميرات لين يكبر الامير وقتها تو ّ يدهنها هوّ على ذوقه و الاّ نخلو الحكاية مسيبة...؟؟؟

خمم الملك في الحكاية يلقاه الماء الماشي للسدرة الزيتونة أولى بيه...

( يتبع)

اللي يعملوا في البوليتيك...

الحكاية هذي حبيت نجبدها عندي مدّة. قلت نطرحها للنقاش. و الحكاية في الحقيقة هي "حيرة" تحوّلت لبرشة أسئلة.

في أول الثلاثية الثانية واقف قدام الليسي نستنّى في النقل، جوني تلامذة يتشكّوا من الاعداد الضعيفة اللّي عطيتهالهم (أنت صعيب مسيو قالوا. صعيب شوي قلتلهم). نحكي معاهم على المشكلة متع النتائج وخاصة على الفتور اللي يتعاملوا بيه مع القراية، وأنا نحاول نرفع من معنوياتهم ونحاول نحفّزهم على الاجتهاد والاصرار على تحقيق أهدافهم، ما نعرفش كيفاش سألتهم على طموحاتهم… وترجمتلهم السؤال الى صيغة بسيطة ياسر: اش تحبّوا تعملوا كيف تكمّلوا قرايتكم؟ عندكمش هدف واضح تحبّوا تحقّفوه في المستقبل؟

الاجابات كانت على النحو التالي:

يحبّوا يخدموا أساتذة ، محامين ، قضاة… يحبّوا يحرقوا يجيبوا الدوفيز… يحبوا يعرسوا…

سألتهم: ثمّاش واحد يحب يولّي رئيس؟

الجماعة قعدوا يخزروا لبعضهم . أنا بيدي حسيت روحي ما عندي ما نقول. من حسن الحظ نشوف في النقل الريفي جاي من بعيد ... هيا اقروا على أرواحكم و تصبحوا على خير، قلتلهم.

كيف طرحت السؤال على التلامذة في الاوّل كنت نفدلك معاهم، و لكن من بعد انتبهت انّه ما ثمّة حتّى واحد منهم عنده طموح سياسي

في الثنية طرحت على روحي نفس السؤال: شبيني ما حبيتش نولي رئيس أنا؟ نقصد شبيني ما جاتش لبالي الفكرة بالكل؟ (موش عرضوا علي و أنا قلت لا). أنا زاد ما كانش عندي طموح، و لتوّة ما عنديش طموح باش نوصل لمنصب سياسي مرموق.

نسيت الحكاية كيف روحت، تولهيت في قضيات كمّلت قضيتهم، في الليل كيف كلّموني صحابي و خرجنا باش نسبّوا... و نقشقشوا في الجدارة متع... ( وها الشيء رانا نمارسوا فيه على سبيل الهواية وزيد الناس الكل مغرومين بيه السبور متع السبّان ). المّهم، تفكرت السؤال و طرحته عليهم: بربيّ شكون منكم حبّ يوليّ رئيس وقت اللّي هو صغير....؟ خزروا لبعضهم. واحد منهم قال: يزيّ ما عادش تسربوله السخطة !!!! و كيخ بالضحك... كبّشوا في الضحك لين بطّلت من السؤال.

الاكيد انّ الانسان ما يكونش قاعد يقوم يحب يولّي رئيس، أكيد الامور ما تمّش بالطريقة هذي.موش كيف واحد عنده طموح أكاديمي مثلا، ما عليه كان يقرأ على روحه لين يكمّل شهايده الكلّ... كيف واحد عنده طموح سياسي، ولكن الاكيد زادة انّ ثمّة واقع ما نجّموش ننكروه. و هو نفور أغلب فئات ها الشعب الكريم من العمل السياسي و النقابي ، بل وحتى من نشرة الاخبار، على خاطرها تذكّرهم يمكن أنّه ثمة حاجة اسمها شأن عام.

يمكن على خاطر قرون من الاستبداد خلقت فينا الكل خوف من تحمّل المسؤولّية، على خاطر تماما كيف ما تربية الاب القاسي و المستبد ما تنجّم تطلع كان أبناء خوافين و موش قادرين باش يواجهوا مشاكلهم و موش قادرين باش يربّوا صغارهم نهار اخر، المواطنين اللي يعيشوا في ظلّ الاستبداد يكونوا غير راغبين في تحمّل المسؤولية.. و يمكن على خاطر المجتمعات الاستهلاكية ما تنتج كان أفراد مهووسين بساعادتهم الفردية و يعتبروا الانخراط في الشأن العام ضرب من ضروب الغباء (" كيفاش انسان عنده ذرّة عقل ، يدخل في معامع توجع الراس و يبدا يعمل في "البوليتيك" الفارغ"؟) أحنا أساسا في عاميّتنا كلمة " بوليتيك" تعني حاجة فارغة .

و الغريب هو أنّ ها الناس اللي حركهم الهوس بسعادته الفردية الخاصة يبقوا مصرّين على رأيهم حتى كيف تتعدا الثلاثين عام الاولى من أعمارهم سبهللا، يعني من غير ما يحققوا حتىّ حلم من أحلامهم الثلاثة الصغيرة: دار صغيرة وكرهبة صغيرة ومرا صغيرة.

الاكيد انّ الاسباب الكامنة وراء ها لمشكلة أكثر و أعمق من الحاجتين اللي حكيت عليهم. و لكن نتصوّر أنّ الاخطر هو تبعات ها النفور العام من الشأن العام.

(موضوع يمكن نرجعله)

ضربات و مشاهد 2

ضربة البداية
(هنا)
ضربات قلب
بانتظارها،تعلو وتهبط سرعة ضربات قلبي.
ضربة شمس
أحبها و لا أملك ثمن قهوة وكوب عصير فندخل مقهى. وتحبني و لا تحب الجلوس على درج المسرح البلدي.
أمضينا لقاءنا ذاك اليوم الصيفي الحار في التسكع، و في المساء ارتفعت درجة حرارتي.
قال الطبيب أني نجوت من ضربة شمس.

ضربة قاضية
... بعدها غيروا أسماءهم و أقنعتهم ثم عادوا. الحمقى لا يعرفون أنناـ نحن
العشاق ـ نعرفهم من رائحتهم .



ملا وحلة...؟

كنتش رايض في راحة من عقلي. كان عندي كلمة نكتبها، سي نون نجبد نقرأ والا نخدم درس على روحي... أمس
ياسيدي شفت في ها المدونة نلقى الالوان ندرا كيفاش تبدلت و كثرت ودخلت بعضها، عناوين التدوينات في الارشيف ولت موف ( سبحان الخالق... ملا لون اختاراته) في بالي أنا ندرا اش مسيت بدلت الالوان... رجعت قرصت على تدوينة قديمة كيف تحلت نلقاه اللون رجع نرجع للتاريخ متع الحاض نلقاه عاود رجع موف... شنو ها النهار الازرق و الا الموف... برا بديت كل مرة نمس حاجة حنى دخلتها في حيط،. عاودت عملت قالب اخر و من بعد ندرا اش قرصت فسدتها... و أنا نمني في روحي باش نعمل تصويرة وراء العنوان ... مرة تطلعلي على اليمين مرة على اليسار... وحلة؟ الله يلعن الجهل.. على مرتين باش نفسخ كل شيء.
نشوف في المدونات الاخرى نلقى اللي عامل تصويرة كعبة نمالة و اللي عامل جبل و اللي عمل بحر ... صح ليهم نقول اللهم لا حسد
هيا بر قلت فك علي من التصويرة (كيف ما نجمتش روحي) هداري زايدة التصاور (يلزمني نعمل هككا باش نتفش).
المهم رست في قالب جديد وتنحى الكونتور و رجعلي للصفر (بر قول تو ندز فازتي بحاجة اخرى مازلت جديد) و من بعد كان الارشيف على اليسار و رجعلي من اليمين المشكلة انو العناوين ظاهرين كأنهم مكتوبين من اليسار لليمين...
أخيب احساس ان الانسان يحس بروحه حابس . و احلى احساس كيف يتعلم حاجة جديدة حتى كان تكون تفصيل صغير وما عنداش حتى معنى. اليوم تعلمت برشة حاجات .... أما بصعوبة.

بمناسبة اليوم العالمي للمسرح:المسرح ليس حدثا فحسب، إنه طريقة عيش!




كلمة أوغستو بوال (الرسالة الدولية لليوم العالمي للمسرح 2009)

كل المجتمعات الإنسانية فرجوية في حياتها اليومية، وتنتج عروضا لأجل مناسبات خاصة. إنها فرجوية من حيث هي تنظيم اجتماعي، وتنتج عروضا شبيهة بالعرض الذي تحضرون لمشاهدته.

حتى وإن لم نعي ذلك، فالعلاقات الإنسانية مبنية بشكل مسرحي : استعمال الفضاء؛ تعبيرات الجسد؛ اختيار الكلمات وتكييف الصوت؛ مواجهة الأفكار والأحاسيس. كل ما نقوم به على الخشبات، نقوم به في حياتنا : نحن المسرح

ليست الأعراس والمآتم عروضا فرجوية فحسب، بل هي أيضا طقوس يومية ومألوفة بحيث لا تلامس وعينا من حيث هي كذلك. وليس فقط المناسبات الكبرى.. بل أيضا قهوة الصباح والتحيات المتبادلة، الحب المحتشم و الصراعات العاطفية، مجلس النواب و الاجتماع الديبلوماسي كل ذلك مسرح.

واحدة من الوظائف الأساسية لفننا، هي أن ينقل إلى وعينا العروض الفرجوية للحياة اليومية، حيث الممثلون متفرجون في الآن ذاته، وحيث الخشبة و القاعة متداخلان، كلنا فنانون : ونحن نمارس المسرح؛ نتعلم كيف نرى ما يتجسد أمام أعيننا. إلا أننا غير قادرين على رؤية ما اعتدنا على مشاهدته. فما نألفه يصير لا مرئيا : ممارسة المسرح معناه أن نضيء الخشبة بحياتنا اليومية.

في شهر سبتمبر الفائت، فوجئنا بكشف مسرحي : نحن الذين نعتقد أننا نعيش بعالم آمن، رغم الحروب،و الإبادات، و المجازر، والتعذيب الذي يُقترف - بكل تأكيد- لكن بعيدا عنا، في بقاع نائية ومتوحشة، نحن الذين نعيش بأمان رفقة أموالنا المكدسة بأبناك محترمة، أو بأيدي سمسار نزيه بالبُرصة، نُبَلغ بأن هذه الأموال غير موجودة، وبأنها أموال مفترضة، خيالٌ بمذاق فاسد لبعض الإقتصاديين الغير متخيَلين، ولا المتيقنين، ولا المحترمين. كل هذا لم يكن سوى مسرحا رديئا، بحبكة قاتمة، حيث قليل من الناس ربح كثيرا، و/ أو كثيرون خسروا كل شيء. سِيَاسيُو بلدان غنية عقدوا اجتماعات سرية، ليخرجوا بحلول سحرية. ونحن، ضحايا قراراتهم بقينا كمتفرجين جالسين بالصفوف الأخيرة.

منذ عشرين سنة خلت، أخرجت مسرحية "فيدرا" بمدينة "ريو دي جانيرو" كانت قطع الديكور فقيرة : جلود بقر على الأرضية، محاطة بالخَيَازرْ. قبل كل عرض، أقول للممثلين : "ما أبدعناه من خيال يوما بعد يوم انتهى، عندما تعبروا تلك الخَيازرْ، لا أحد منكم له الحق في الكذب.فالمسرح، حقيقة مخبوءة."

عندما نتجاوز بنظرنا المظاهر، نرى أن ثمة قاهرين ومقهورين، في كل المجتمعات، والأعراق، والأجناس، والطبقات والنخب. نرى عالما ظالما وقاسيا. علينا أن نخلق عالما آخر، لأننا نعلم أنه بالإمكان خلق عالم آخر. لكن بنائه مرهون بأيدينا، بدخولنا المشهد، على الخشبات وبحياتنا اليومية.

تعالوا لمتابعة العرض الذي سيبدأ؛ وأنتم عائدون إلى بيوتكم، رفقة أصدقائكم، العبوا مسرحياتكم الخاصة، لترون ما لم تستطيعوا قط رؤيته : ما يقفز إلى العيون، المسرح ليس حدثا فحسب، إنه طريقة عيش!

كلنا ممثلون : أن تكون مواطنا، لا يعني العيش داخل مجتمع، بل تغييره.

ترجمة:عبدالجبار خمران

نقلا عن المسرح دوت كوم