ضد الرداءة 3 ( العروشية)

و باش نكون واضح من الاول: العرش الوحيد في البلاد.. القبيلة الوحيدة هي قبيلة التجمع الدستوري الديمقراطي... والبقية الكل توانسة.
اللي صاير في البلاد واضح و ما يحتاجش لبرشة ذكاء باش يتفهم.. .في المظيلة.. في جبنيانة.. في دوز..في المتلوي ...
تقريبا نفس السيناريو يتعاود.. خلاف على اي سبب.. مجرد عركة في حومة... تتحول لصراع دموي بين "العروش" و في كل مرة جرحى و قتلى وحرايق و انفلات امني و رعب... و الواضح زادة ان الاطراف الزوز اللي يتم اقحامهم في ها الدعك في اغلب الاحيان ما ينطبقش عليهم حد العرش ( القبيلة) على خاطر ما ثماش رابطة دموية بينهم.. في اغلب الحالات الرابط كان حضري ( الانتماء لجهة معينة و الا لحومة (مفرد حوم بالعربي) و بخلاف هذا ما يلزمناش ننسوا ان حد القبيلة في وقتنا رجراج جدا... باختصار حكاية العروش حكاية بيدونة و الافضل ان الواحد يغير صيغة السؤال من " السؤال عن الماهية الى السؤال التالي: " اشكون قاعد يصب في الزيت على النار؟؟؟"

و في سياق البحث عن الاجابة اكيد باش تتطرح برشة اسئلة اخرى. البوليسية وين؟؟ علاش ما يتدخلوش من الاول باش يحزوا العركة كيف تكون بين زوز من ناس و يوقفوهم الزوز و طاح الكاف ردم الظل.. كيف ما كان يصير قبل؟؟ اشبيهم البوليسية ما يخدموش على ارواحهم؟؟ اش صار عليهم؟؟ و بقطع النظر على " دعك العروشية" واضح ان البوليسية ماعادش خادمين على ارواحهم.. على خاطر كل يوم تسمع بغريبة.. البراكاجات و القتل و الخطفان و السرقة و هلم جرا... صحيح الجريمة موجودة من اول الدنيا و السرقة و البراكاجات كانت موجودة من قبل اما كم الجرايم اللي قاعدة تصير يرعب... و المشكل هنا موش في البوليسة اللي ما عادش خادمين (لاسباب توة نحكي عليها) بالرغم ان زادوهم في الشهرية و شيخوهم بالكراهب الجديدة و التجهيزات... المشكل في المواطن اللي ما يطرحش ها السؤال حتى على روحوا ( والمفروض يخرج للشارع يتظاهر ضد ها التقصير المبرمج) و انما يفضل يسب الوضع و يتحسر على ايام زمان
و اللي يكرز فعلا هو ان نفس المواطن شن (وقد يشن) في اي لحظة حملة شنيعة جدا على الاساتذة مثلا اللي اضربوا نهار .. وهات يا سبان في الاساتذة اللي " ضيعوا مستقبل الوليدات.. اللي يخلصوا و ما يخدموش.. اللي يمصوا في الدم و ياكلوا في اللحم الحي.. المتآمرين على الاجيال القادمة..." و هذا بقطع النظر على انه " قحب مواطنين" يلزمنا نفهموا علاش؟؟
علاش المواطن استأسد على الاساتذة وقت اللي اضربوا نهار ( بالرغم ان حقهم الشرعي و القانوني) و ما يحتجش على تقصير البوليسية و ما يحملهمش المسؤولية... و نتصور ان الاجابة واضحة: الاعلام (تلافزنا و جرايدنا)
الاعلام اللي شيطن الاستاذ: (هات يا ريبورتاجات على تليميذات عينيهم كبار و كحل و تلمع بالبراءة يحبوا يرجعوا يقروا والاساتذة اولاد الحرام مخلينهم يستنوا... و هات يا مواطنين يسيقوا في المدارس و يصلحوا في البيبان و يحموا في المؤسسات ... و الاساتذة ضاربين بها المجهود الكل عرض الحائط) و الاعلام اللي شيطن الاساتذة يقدم في صورة ملائكية للبوليس ( ريبورتاجات على بوليسية يشقوا في الفطر في الشارع محرومين من حنان الام و دف العائلة و هات من هاك الكلام متع نصوص كتاب القراءة القديم ( الارملة المرضعة و بائعة الكبريت و مصيبة الفقر ...) و حوارات مع البوليسية اللي انقذوا البلاد من حمام الدم ( للامانة، نحب نقول اني سحبت تدوينة ساخرة بعنوان " دوري انا وزوجتي في الثورة) بعد ما قريت التحقيق مع السرياطي و صدقت جزء من حكاية "انا وزوجتي") ( لا علينا نرجعوا لحكايتنا)
قلنا الاعلام اللي شيطن الاساتذة مثلا هو نفس الاعلام اللي قاعد يرسم في صورة ملائكية للبوليسية و للتجمعين و خاصة اللي عندهم الفلوس موش متع الكسكروتات و ان الظاهرة متع "قحب المواطنين" ما هي الا نتيجة لتأثير الاعلام
و هنا يلزمني نحكي شوية على الفرق بين التجمعيين اللي عندهم الفلوس و التجمعيين متع الكسكروتات.
التجمعيين متع الكسكروتات ينجم اي واحد يستعملهم يعني ينجموا يبدلوا اللوك و يتم استعمالهم في اي نوع متع دعكة: عرك ، انتخابات... في حين ان التجمعيين اللي عندهم فلوس ينجموا يستعملوا برشة عباد و خاصة هاك الجماعة اللي يموتوا على الزعامة و الوهرة و النفوذ ( اش علينا فيهم)
و باش ما تتخلبصش الفكرة، هات نرجعوا من الاول: العرش الوحيد او القبيلة الوحيدة في البلاد هي التجمع الدستوري الديمقراطي و كيف القبائل الكل ثمة شاعر /بوق القبيلة ( و يمثله الاعلام) وأعيان وفرسان القبيلة ( و يمثلوهم التجمعيين اللي عندهم الصوارد و الاحزاب الجديدة ) و الرعاع و السوقة و العضاريط... ( ويمثلوهم التجمعيين متع الكسكروتات) و يبقى السؤال المحير؟؟ اشكون شيخ القبيلة؟؟ و بقطع النظر على الاجابة؟ يبدولي ان اذا ما انتبهناش للخطر الحقيقي و المحدق عما قليل سيباح دمنا جميعا وكرامتنا هي الغنيمة اللي باش يغنموها فرسان التجمع


ضد الرداءة 2( حليب الديكتاتور)

الحمّى، الإسهال، القيء، المغص الحاد، الغثيان أحيانا... تلك هي أعراض حالة التسمّم... تلك أعراض حالتنا... لأننا جميعا رضعنا حليب الديكتاتور... البعض رضع بشهية مفتوحة، لأنه لا يعاف حتى الصديد و القيح... البعض رضع على مضض ... والبعض رضع و تقيأ ... والقلّة القليلة التي رفضت تسممّت برائحة العفن الذي كان يعمّ المكان.. تلك حالتنا اذن: حمّى " ثورية".. إسهال سياسي، قيء إعلامي، مغص اقتصادي حاد، و غثيان ثقافي...

وأنا أحاول متابعة ما حدث ويحدث سأبدو يائسا أحيانا... ولكنّ ذلك لن يستمرّ طويلا... سأشفى قريبا ، أقول لنفسي.. سنشفى قريبا.

الحمّى

أحاول ان أكون متفائلا: يرفع الجسم درجة حرارته دفاعا عن نفسه في حالة إصابة جرثومية مثلا... يفعل ذلك ليقضي على الميكروبات التي لا تستطيع أن تعيش أو تتكاثر في درجة حرارة تفوق درجة حرارة الجسم الطبيعية ... فالحمّى تعني أنّ الجسم يقاوم ...

من الطبيعي اذن أن تنقلب اللامبالاة بالشأن العام والفتور إلى حماسة... انّها الحمّى: إضرابات مطلبية وسياسية، اعتصامات بالجملة،خطب، تحاليل... حتّى الذين لم يفتحوا أفواههم سابقا إلاّ ليطلبوا منّا السكوت قتلونا بصراخهم... إنها مجرّد حمّى.

ولكن ما يثير القلق فعلا هو الهذيان، الهذيان يقترن بالحمّى إذ تشتدّ... وحينها لن يكون من الممكن معالجة الأمر بمضمدات الماء البارد ... الهذيان يعني فهما مقلوبا للحرية... الهذيان يعني الفوضى و الهمجية

الإسهال السياسي

صدقا أنا لا أعرف عدد الأحزاب السياسية في تونس اليوم ولا حاجة لي بمعرفة العدد... المهمّ أنها كثيرة.. أكثر مما ينبعي ... خمسون حزبا أو ستّون...لا فرق.

عمليا لم يتغير أي شيء.. أو لم يتغيّر أي شيء إلى حد الآن.

عمليا لا اثر و لا تأثير للأحزاب السياسية الجديدة التي نبتت كالفطر.

في جلّ المدن لا اثر لأحزابنا السياسية الكثيرة ، فما بالك بالأرياف ؟ اللاعبون السياسيون الحقيقيون في الريف مثلا هم التجمعيّون... مازالوا يمتلكون من النفوذ المالي و الرمزي ما يتيح لهم الهيمنة وفرض قراراتهم ولا شك أن تأثيرهم سيكون كبيرا في أي عملية سياسية مقبلة...

و لا تأثير لنشاط أغلب الأحزاب، باستثناء أنها تشكلت. و اعني التأثير المفترض لأي حزب سياسي مهما كان حجمه، باعتباره جزء من نسيج مدني، هذا الاعتبار الذي يحتّم عليه المشاركة الفعلية في معالجة ما يطرأ من مشاكل في البلاد.

ما مدى مساهمة الأحزاب السياسية في معالجة ما حدث و يحدث في المتلوي مثلا؟

أحزابنا ليست معنية بالأرياف، أحزابنا ليست معنية بالمدن الداخلية، أحزابنا ليست معنية بما يحصل في الأحياء الفقيرة في العاصمة، أحزابنا ليست معنية بما يحصل في شارع الحبيب بورقيبة، أحزابنا ليست معنية بما يحصل في أروقة البنايات التي توجد فيها مقراتهم، أحزابنا ليست معنية بما قد يحصل في بهو مقراتهم.. احزابنا... المهمّ أنها كثيرة.. أكثر مما ينبعي ... ستون حزبا او سبعون...لا فرق، انه مجرد إسهال...

ولكن ما يثير القلق هو أن يستمر الإسهال و الإسهال يعني أن الجسم لا يمتص الغذاء و لا يمتص الماء بشكل طبيعي ، استمرار الإسهال يعني الموت، فما بالك حين يكون الجسم المصاب بالإسهال جسما ضعيفا منهكا؟

هل نمتلك من الأفراد المتمتعين بكفاءات سياسية ما يسمح بتوزيعهم على ستين أو سبعين حزبا؟؟؟ استسهال العمل السياسي إلى هذا الحد يعني العقم؟

القيء الإعلامي

ارحمهم ولا تؤمن بهم.

ارحمهم ولا تؤمن بهم.

ارحمهم و لا تؤمن بهم.

الذين رضعوا حليب الديكتاتور بشهية مفتوحة لأنهم لا يعافون الصديد و القيح ثم وضعوا أصابعهم في حلوقهم وتقيؤا عنوة أمام الكاميرا.. أمامنا... وبوقاحتهم المعهودة انقلبوا... الذين كانوا يمجدون بصلف وغباء بن علي و حرمه وانجازاته ثم أصبحوا يسبّون بن علي و حرمه وانجازاته... الذين يمتلكون من الوضاعة و الانتهازية والحمق ما يجعلهم يعتقدون أنهم يولدون من جديد حين يعترفون: " غلطنا بن علي" دون أن ينتبهوا إلى أنهم بذلك يعترفون بمدى تغلغله فيهم، لا باعتباره شخصا بل باعتباره رمزا للفساد والانتهازية و الغباء... هو أيضا حاول ذلك قبلهم، هو أيضا اعترف: "غلطوني".

بقطع النظر عن هؤلاء، يظل المشهد قاتما. الشيطان يكمن في التفاصيل.

المغص الاقتصادي الحاد

بداية من جانفي و إلى حد الآن تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 12 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2010 و تراجع النشاط السياحي بنسبة 45 إلى 50 بالمائة و تراجع قطاع المناجم و الفسفاط بنسبة تفوق 53 بالمائة و تقلص احتياطي البلاد من العملة الصعبة و تخسر البلاد 7 آلاف موطن شغل شهريا... أما نسبة النمو المأمولة خلال هذه السنة فستتراوح بين 0 و 1.5 بالمائة كما تفاقم حجم الديون الخارجية لتونس ليبلغ حوالي 16 مليار دينار. انه مجرد مغص وسيزول لو أننا تحملناه قليلا... بعض الشاي الساخن بالليمون يساعد على ذلك . المهم ان نتجنب المسكنات .

ما يثير القلق حين تناول المسكنات هو ان تكون الجرعة غير مناسبة... أن تكون الجرعة قاتلة.

الغثيان الثقافي

الركود مستمر... باستثناء بعض البيانات السياسية التي يصر أصحابها على أنها قصائد.. لا شيء جديد. النمطية قاتلة. على الأصوات التي كانت تغني خارج السرب أن تبحث عن سربها لكي يتغير الأمر.

إبدال المشهد الثقافي يحتاج إلى مؤسسة.

تصوف مضاد (ما لا يعول عليه)


النوم ان لم يعقبه كسل لا يعول عليه
اليقظة ان لم تخالطها الأحلام لا يعول عليها
ألم لا يذكرك بأنك حي لا تعول عليه
فرح تطيقه لا تعول عليه
حب لا يخرب قلبك لا تعول عليه
امرأة لا تحولك الى غيمة لا تعول عليها
كل عطر لا يكلمك لا تعول عليه
عطرها ان لم يقل : اشتهيني لا تعول عليه
خصر لا يعصر قلبك لا تعول عليه
الشامة ان لم تكن وعدا بالعيد لا تعول عليها
الاصابع ان لم تكن من نار لا يعول عليها
كل ثمرة لا تزهر بين أصابعك لا يعول عليها
كل غناء لا يجرح حنجرتك لا تعول عليه
كل ماء يرويك و لا يسكرك لا تعول عليه
كل نبض لا يتردد لا يعول عليه
كل نبض لا يردده نبض لا يعول عليه
كل حال لا ينسيك ما حولك لا يعول عليه

كل معبود لا يعبدك لا تعول عليه





الشجرة


هب ان شجرة نبتت فجأة في مكان ما.. هكذا ... هجمت هجوما و لم تنبت على مهل .. لا احد غرسها او سقاها... فاجأت الجميع و طلعت من الارض عظيمة و خضراء خضراء خضراء... بماذا سيفكر من يمرون بها مندهشين؟

يقول العاشق: "انها هي... ان الشجرة تنمو في داخلي ، ترفرف أوراقها فتحك دمي.. انظروا قدر حزني و فرحي" ( أي سعادة...)

يقول الصوفي: "هذه اختي..." ( اي اخلاص...)

يقول المسافر: "الظل لي.. سأستند الى جذعها و أغفو قليلا... فان صحوت ذهبت و ان مت ظللت قبري... "

يقول الشاعر: "هذا مجاز... انها لغتي" ( اي غرور..)

يقول الطفل: "الآن ستطير ارجوحتي اعلى... "

قول الفلاح : "ببساطة هي اعظم من اشجاري او مثلها ربما... " وقد يهز كتفيه ويمضي ... ( اي تواضع ...طوبى له)

يقول حفار القبور: "هذه من علامات الساعة..."

يقول الحطاب:" فليأت الشتاء سريعا... "( أي غدر)

يقول التاجر، وهو يقضم ثمرة من ثمارها منشغلا عن طعم الثمرة و رائحتها بالتفكير في ما سيجنيه لو انه اشترى كل الثمار و باعها: "كثير" (أي بؤس.. )